mercredi 11 avril 2012

ظاهرة الكتابة على الجدران.. ظاهرة صحية أم فهم خاطئ للحرية؟


ظاهرة الكتابة على الجدران.. ظاهرة صحية أم فهم خاطئ للحرية؟


تعتبر ظاهرة الكتابة على الجدران من الظواهر العالمية التي انتشرت بين عامة الشباب بل وأصبحت تمثل منحدراً سلوكياً سيئاً في بعض المواقف.
 فقد ملأت الكتابات جدران المؤسسات التربوية وجدران المرافق العامة منها والخاصة ولم تسلم حتى جدران المقابر وانتشرت هذه الظاهرة بعد الثورة في مدينة القيروان كانتشار النار في الهشيم  ولم تستثني تقريبا أيا من الفئات العمرية فمن أطفال المدارس إلى مراهقي المعاهد ومرورا بالطلبة وحتى بعض الكهول.
السيد فتحي غرسلي رئيس قسم النهوض الاجتماعي بالقيروان أرجع تفاقم هذه الظاهرة إلى عديد العوامل منها النفسية والاجتماعية ومنها التربوية والسياسية وكلها ساهمت في تفجير نوع من الكبت الداخلي للتعبير عن رأي أو توضيح فكرة أو الإدلاء بموقف كان من الممكن التعبير عنه بالطرق العادية والحوارية. ومن الأسباب المباشرة التي تدفع بالطفل أو الشاب إلى الكتابة على الجدران ، نقص التواصل في الأسرة التونسية والتي تعتبر النواة الأولي لتكوين شخصية المراهق وللأسف مازالت ثقافة الحوار والتعبير الحر عن الرأي شبه منعدمة في أسلوب تربيتنا وهذا ما يدفع الشاب للبحث عن فضاء بديل يتيح له حرية التعبير عن ذاته أو رأيه أو موهبته بدون حاجز ولا رقيب فهو يرى في الجدار فضاءه الحر لإيصال صوته والتعبير على ما يخالج نفسه.
ورغم انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير فإن السيد فتحي أخصائي علم الاجتماع اعتبرها ظاهرة مؤقتة وسوف تتلاشى شيئا فشيئا مع ازدياد هامش حرية التعبير عن الرأي في تونس ما بعد الثورة وبعد خروج الإعلام من قوقعته فأصبح متاحا لكل مواطن التعبير عن آراءه في وسائل الإعلام بدون خوف ولا محاسبة وهي ظاهرة متوقعة بعد عقود من الكبت والقمع الذي عانى منه الشعب التونسي.
وحول طرق التعامل مع هذه الظاهرة وعلاجها أكد الأخصائي على ضرورة تفعيل جانب الحوار ولا سبيل لمعالجة مثل هذه الظواهر الاجتماعية إلا بالطرق التوعوية والعمل على غرس ثقافة الحوار وحرية التعبير لأن تجريم مثل هذه الكتابات ومعاقبة من يقومون بها لن يحل المشكل بقدر ما سيزيد حدته وقد يتطلب الأمر بعض الوقت حتى ننتج جيلا قادرا على التعبير عن ذاته وقبول الآخر بدون الحاجة إلى ممارسة العنف الجداري كما أن مؤسسات الدولة من واجبها الإحاطة بهذا الشباب وتوفير فضاءات تمكنه من صقل مواهبه الفنية والتعبير عن رأيه بدون تعد على الأشخاص والممتلكات وهنا يأتي دور المجتمع الذي مازال يعاني من أزمة عدم الانتماء والامتناع عن تقديم النصح بتعلّة أنه ملك عام " رزق البيليك" وهو تصرف خاطئ يشجع على التمادي في الخطأ.
وخلاصة القول أن ما حصل بعد الثورة من انفلات وغياب للرقابة ونقص في الفضاءات الثقافية وعقم في البرامج الدراسية التي تجاهلت لعقود طويلة ضرورة تنشئة الطفل على حرية التعبير وتعليمه كيف يميز بين الحق والواجب وغياب دور الأسرة كل هذا ساهم في تفاقم ظاهرة الكتابة على الجدران وفي السنوات  المقبلة , سوف يكون لدينا المجتمع الذي نصنعه الآن..فما الذي ننوي فعله في المستقبل لجعل هذا المجتمع مكاناً أكثر حضارة ومهارة من الناحية الاجتماعية وجديراً بأن نعيش فيه ؟
خالد السقني

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire